الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **
*3* الشرح: قوله: (باب هدية ما يكره لبسها) كذا للأكثر، و " ما " يصلح للمذكر والمؤنث، فأنث هنا باعتبار الحلة. ووقع في رواية النسفي " ما يكره لبسه " وبه ترجم الإسماعيلي وابن بطال، والمراد بالكراهة ما هو أعم من التحريم والتنزيه، وهدية ما لا يجوز لبسه جائزة، فإن لصاحبه التصرف فيه بالبيع والهبة لمن يجوز لباسه كالنساء. ويستفاد من الترجمة الإشارة إلى منع ما لا يستعمل أصلا للرجال والنساء كآنية الأكل والشرب من ذهب وفضة. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ قَالَ إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ ثُمَّ جَاءَتْ حُلَلٌ فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً وَقَالَ أَكَسَوْتَنِيهَا وَقُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ فَقَالَ إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا الشرح: حديث ابن عمر في حلة عطارد، وسيأتي شرحه في كتاب اللباس، ومناسبته للترجمة ظاهرة. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا وَجَاءَ عَلِيٌّ فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا فَقَالَ مَا لِي وَلِلدُّنْيَا فَأَتَاهَا عَلِيٌّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ لِيَأْمُرْنِي فِيهِ بِمَا شَاءَ قَالَ تُرْسِلُ بِهِ إِلَى فُلَانٍ أَهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ حَاجَةٌ الشرح: قوله: (حدثنا محمد بن جعفر أبو جعفر) جزم الكلاباذي بأنه الفيدي نسبة إلى فيد بفتح الفاء وسكون التحتانية بلد بين بغداد ومكة في نصف الطريق سواء، وكان نزلها فنسب إليها. ويحتمل عندي أن يكون هو أبو جعفر القومسي الحافظ المشهور، فقد أخرج عنه البخاري حديثا غير هذا في المغازي، وإنما جوزت ذلك لأن المشهور في كنية الفيدي أبو عبد الله، بخلاف القومسي فكنيته أبو جعفر بلا خلاف. قوله: (حدثنا ابن فضيل عن أبيه) هو محمد بن فضيل بن غزوان الكوفي، وليس لفضيل عن نافع عن ابن عمر في البخاري سوى هذا الحديث. قوله: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يدخل عليها) زاد في رواية ابن نمير عن فضيل عند أبي داود والإسماعيلي وابن حبان " قال وقلما كان يدخل إلا بدأ بها". قوله: (فذكرت ذلك له) زاد في رواية ابن نمير " فجاء علي فرآها مهتمة". قوله: (فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم) في رواية الأصيلي " فذكره " وفي رواية ابن نمير " فقال يا رسول الله إن فاطمة اشتد عليها أنك جئت فلم تدخل عليها". قوله: (سترا موشيا) بضم الميم وسكون الواو بعدها معجمة ثم تحتانية، قال ابن التين: أصله موشيا فالتقى حرفا علة وسبق الأول بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت في الأخرى وكسرت الأولى لأجل التي بعدها فصار على وزن مرضي ومطلي، ويجوز فيه موشى بوزن موسى. وقال المطرزي: الوشي خلط لون بلون، ومنه وشى الثوب إذا رقمه ونقشه. وقال ابن الجوزي: الموشى المخطط بألوان شتى. قوله: (ما لي وللدنيا) زاد ابن نمير " ما لي وللرقم " أي المرقوم والرقم النقش. قوله: (قال ترسلي به) كذا لأبي ذر " ترسلي " بحذف النون وهي لغة أو يقدر أن فحذفت لدلالة السياق. وفي رواية للأكثر " ترسل " بضم اللام بغير ياء. قوله: (أهل بيت بهم حاجة) بجر أهل على البدل ولم أعرفهم بعد، وفي الحديث كراهة دخول البيت الذي فيه ما يكره. وأورد ابن حبان عقب هذا الحديث حديث سفينة فقال: " لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل بيتا مزوقا " وترجم عليه البيان بأن ذلك لم يكن منه صلى الله عليه وسلم في بيت فاطمة دون غيرها، وفيما قاله نظر إلا إن حملنا التزويق على ما هو أعم مما يصنع في نفس الجدار أو يعلق عليه، قال المهلب وغيره: كره النبي صلى الله عليه وسلم لابنته ما كره لنفسه من تعجيل الطيبات في الدنيا، لا أن ستر الباب حرام. وهو نظير قوله لها لما سألته خادما " ألا أدلك على خير من ذلك " فعلمها الذكر عند النوم. الحديث: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَهْدَى إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةَ سِيَرَاءَ فَلَبِسْتُهَا فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي الشرح: حديث علي في الحلة وفيه قوله: " فشققتها بين نسائي " وسيأتي شرحه في كتاب اللباس، ومناسبته ظاهرة في قوله: " فرأيت الغضب في وجهه " فإنه دال على أنه كره له لبسها مع كونه أهداها له. *3* وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام بِسَارَةَ فَدَخَلَ قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ أَوْ جَبَّارٌ فَقَالَ أَعْطُوهَا آجَرَ وَأُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ الشرح: قوله: (باب قبول الهدية من المشركين) أي جواز ذلك، وكأنه أشار إلى ضعف الحديث الوارد في رد هدية المشرك، وهو ما أخرجه موسى بن عقبة في المغازي عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ورجال من أهل العلم " أن عامر بن مالك الذي يدعى ملاعب الأسنة قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشرك فأهدى له، فقال إني لا أقبل هدية مشرك " الحديث رجاله ثقات، إلا أنه مرسل، وقد وصله بعضهم عن الزهري ولا يصح. وفي الباب حديث عياض بن حماد أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما من طريق قتادة عن يزيد بن عبد الله عن عياض قال: " أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة فقال: أسلمت؟ قلت: لا. قال: إني نهيت عن زبد المشركين " والزبد بفتح الزاي وسكون الموحدة الرفد، صححه الترمذي وابن خزيمة. وأورد المصنف عدة أحاديث دالة على الجواز فجمع بينها الطبري بأن الامتناع فيما أهدي له خاصة والقبول فيما أهدي للمسلمين، وفيه نظر لأن من جملة أدلة الجواز ما وقعت الهدية فيه له خاصة، وجمع غيره بأن الامتناع في حق من يريد بهديته التودد والموالاة، والقبول في حق من يرجى بذلك تأنيسه وتأليفه على الإسلام، وهذا أقوى من الأول. وقيل يحمل القبول على من كان من أهل الكتاب، والرد على من كان من أهل الأوثان. وقيل يمتنع ذلك لغيره من الأمراء، وأن ذلك من خصائصه. ومنهم من ادعى نسخ المنع بأحاديث القبول، ومنهم من عكس. وهذه الأجوبة الثلاثة ضعيفة فالنسخ لا يثبت بالاحتمال ولا التخصيص. قوله: (وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: هاجر إبراهيم عليه الصلاة والسلام بسارة) الحديث أورده مختصرا، وسيأتي موصولا مع الكلام عليه في أحاديث الأنبياء. ووجه الدلالة منه ظاهر، وهو مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه، ولا سيما إذا لم يرد من شرعنا إنكاره. قوله: (وأهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم) ذكره موصولا في هذا الباب. قوله: (وقال أبو حميد أهدى ملك أيلة) بفتح الهمزة وسكون التحتانية بلد معروف بساحل البحر في طريق المصريين إلى مكة وهي الآن خراب، وقد تقدم الحديث مطولا في الزكاة. وقوله: " وكتب إليه ببحرهم " أي ببلدهم، وحمله الداودي على ظاهره فوهم. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةُ سُنْدُسٍ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ الْحَرِيرِ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ إِنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشرح: قوله: (أهدي) بضم أوله على البناء للمجهول. قوله: (وكان ينهى) أي النبي صلى الله عليه وسلم (عن الحرير) وهي جملة حالية. قوله: (وقال سعيد) هو ابن أبي عروبة (إلخ) وصله أحمد عن روح عن سعيد وهو ابن أبي عروبة به وقال فيه: " جبة سندس أو ديباج شك سعيد " وسيأتي بيان ما فيه من التخالف مع بقية شرحه في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى. وأراد البخاري منه بيان الذي أهدى لتظهر مطابقته للترجمة. وقد أخرجه مسلم عن طريق عمرو بن عامر عن قتادة فقال فيه: " إن أكيدر دومة الجندل " وأكيدر دومة هو أكيدر تصغير أكدر، ودومة بضم المهملة وسكون الواو بلد بين الحجاز والشام وهي دومة الجندل، مدينة بقرب تبوك بها نخل وزرع وحصن على عشر مراحل من المدينة وثمان من دمشق، وكان أكيدر ملكها، وهو أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن بالجيم والنون ابن أعباء بن الحارث بن معاوية ينسب إلى كندة وكان نصرانيا. وكان النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إليه خالد بن الوليد في سرية فأسره وقتل أخاه حسان وقدم به المدينة، فصالحه النبي صلى الله عليه وسلم على الجزية وأطلقه، ذكر ابن إسحاق قصته مطولة في المغازي. وروى أبو يعلى بإسناد قوي من حديث قيس بن النعمان " أنه لما قدم أخرج قباء من ديباج منسوجا بالذهب، فرده النبي صلى الله عليه وسلم عليه، ثم أنه وجد في نفسه من رد هديته فرجع به، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ادفعه إلى عمر " الحديث، وفي حديث علي عند مسلم " أن أكيدر دومة أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم ثوب حرير، فأعطاه عليا فقال: شققه خمرا بين الفواطم، فيستفاد منه أن الحلة التي ذكرها علي في الباب الذي قبله هي هذه التي أهداها أكيدر، وسيأتي المراد بالفواطم في اللباس إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِيءَ بِهَا فَقِيلَ أَلَا نَقْتُلُهَا قَالَ لَا فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشرح: حديث أنس أيضا " أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها " الحديث وسيأتي شرحه في غزوة خيبر من المغازي، واسم اليهودية المذكورة زينب، وقد اختلف في إسلامها كما سيأتي. قوله: (فأكل منها فجيء بها) زاد مسلم وأحمد في روايته من الوجه المذكور هنا " فأكل منه فقال أنها جعلت فيه سما " وزاد مسلم بعد قوله فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " فسألها عن ذلك فقالت: أردت لأقتلك، قال: ما كان الله ليسلطك علي". قوله: (فقيل ألا نقتلها) في رواية أحمد ومسلم " فقالوا يا رسول الله". قوله: (في لهوات) بفتح اللام جمع لهاة، وهي سقف الفم أو اللحمة المشرفة على الحلق، وقيل هي أقصى الحلق، وقيل ما يبدو من الفم عند التبسم. الحديث: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ فَعُجِنَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً أَوْ قَالَ أَمْ هِبَةً قَالَ لَا بَلْ بَيْعٌ فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً فَصُنِعَتْ وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوَادِ الْبَطْنِ أَنْ يُشْوَى وَايْمُ اللَّهِ مَا فِي الثَّلَاثِينَ وَالْمِائَةِ إِلَّا قَدْ حَزَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَ لَهُ فَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا فَفَضَلَتْ الْقَصْعَتَانِ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْبَعِيرِ أَوْ كَمَا قَالَ الشرح: حديث عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وقد تقدم بعضه بهذا الإسناد في البيوع. قوله: (عن أبيه) هو سليمان بن طرخان التيمي، والإسناد كله بصريون إلا الصحابي. قوله: (صاع من طعام أو نحوه) بالرفع والضمير للصاع. قوله: (ثم جاء رجل مشرك) لم أقف على اسمه ولا على اسم صاحب الصاع المذكور. قوله: (مشعان) بضم الميم وسكون المعجمة بعدها مهملة وآخره نون ثقيلة، فسره المصنف في آخر الحديث في رواية المستملي بأنه الطويل جدا فوق الطول، وزاد غيره: مع إفراد الطول شعث الرأس، وقد تقدم، وكأنه أقوى لأنه سيأتي في الأطعمة من وجه آخر بلفظ مشعان طويل، ويحتمل أن يكون قوله طويل تفسيرا لمشعان. وقال القزاز: المشعان الجافي الثائر الرأس. قوله: (بيعا أم عطية) انتصب على فعل مقدر. قوله: (فاشترى منه شاة) في رواية الكشميهني " فاشترى منها " أي من الغنم. قوله: (بسواد البطن) هو الكبد أو كل ما في البطن من كبد وغيرها. قوله: (وايم الله) هو قسم، وقد تقدم أنه يقال بالهمز وبالوصل وغير ذلك. قوله: (أعطاها إياه) هو من القلب وأصله أعطاه إياها. قوله: (فأكلوا أجمعون) يحتمل أن يكونوا اجتمعوا على القصعتين فيكون فيه معجزة أخرى لكونهما وسعتا أيدي القوم، ويحتمل أن يريد أنهم أكلوا كلهم في الجملة، أعم من الاجتماع والافتراق. قوله: (ففضلت القصعتان فحملناه) أي الطعام، ولو أراد القصعتين لقال حملناهما، ووقع في رواية المصنف في الأطعمة " وفضل في القصعتين " وكذا أخرجه مسلم، والضمير على هذا للقدر الذي فضل. قوله: (أو كما قال) شك من الراوي، وفي هذا الحديث قبول هدية المشرك لأنه سأله هل يبيع أو يهدي؟ وفيه فساد قول من حمل رد الهدية على الوثني دون الكتابي لأن هذا الأعرابي كان وثنيا، وفيه المواساة عند الضرورة، وظهور البركة في الاجتماع على الطعام، والقسم لتأكيد الخبر وإن كان المخبر صادقا، ومعجزة ظاهرة وآية باهرة من تكثير القدر اليسير من الصاع ومن اللحم حتى وسع الجمع المذكور وفضل منه، ولم أر هذه القصة إلا من حديث عبد الرحمن، وقد ورد تكثير الطعام في الجملة من أحاديث جماعة من الصحابة محل الإشارة إليها علامات النبوة وستأتي إن شاء الله تعالى.
|